القائمة الرئيسية

الصفحات

حكاية مشرد في محطة .

smile homeless
كان هذا اليوم شاقا بالفعل , فبعد ان عدت من الكلية , حيث ندرس شيئا نزرا مما يسمى في عالم العامة من البشر الاسوياء في عقولهم . تخربيقا . اذا بي اصل المحطة التي سأستقل منها التوبيس الثاني الى البيت . بعد ان قضيت في الاول ما يناهز 24 دقيقة و 5 ثواني. الاول كان يملؤه الطلبة بمختلف طبقاتهم الاجتماعية و افكارهم و توجهاتهم  . في حين ان الثاني رقم 23 يكون مزدحما بالعامة اكثر .. و بعد ان فكرت ان اقوم ببحث عن ظاهرة التشرد في المغرب , فقصدت المكتبة التي توجد في المركب الثقافي . و قضيت نصف ساعة
في البحث عن كتاب او حتى جملة عن التشرد في المجتمع . بطبيعة الحال ولكون جميع عناوين الكتب مختلطة فقد حصلت على اربعة كتب تنصب في مصب هذه القضية ,  طلبت من المرأة القائمة على راحتنا في المكتبة ان تريني الكتب ذات العناوين  الاربعة التي اخترتها . و من  لطفها قالت لي بأنه بدل ان تستعير الكتب "لانه من حقي ان استعير فقط 2 كتب " سأعطيك الكتب الاربعة تقلب الفهرس ثم تختار الكتابين الذين ستقوم باستعارتهما , هكذا ولأنني صاحب نية و أثق في العناوين ... أخدت اقلب الفهرس ذات اليمين وذات الشمال ولم أجد ما يدل على التشرد .. فأبتسمت في وجه المرأة اللطيفة ,و قلت لها في عبارة " سمحي ليا عذبتك , ولكن هاذ الكُتاب وقيلا حتى واحد منهم ما عاش حالة تشرد " , وقلت في نفسي الكتاب الحقيقيون لا يصبحون كتابا فما بالك بالمتشردين . انصرفت . فأخدت التوبيس رقم 19 وصلت الى المحطة كما اخبرتكم سابقا , ولعلي يمكن ان اصفها في سطرين , فهي من جهة اليسار موقف لسيارات الأجرة ومن جهة اليمين محطة لتوبيسات الشركة الاسبانية المحتكرة لوسيلة النقل العمومي بعد ان قامت بشطب باقي الشركات الاخرى من على الطرق الخاضعة الان لها , نزلت من التوبي . الاول و بقيت انتظر قدوم الثاني . وفي وقت الانتظار هذا تعلمت ما كنت ابحث عنه في الكتب ... ولان المكان المحطة .. فأول ما سيتبادر الى ذهنكم . انها البيت الاول والشرعي لمتشردي المناطق القريبة منها . وبينما انتظر الرقم 23 وفي هذه الاثناء يستعد التوبي رقم 40 للمغادرة . اذا بمتشرد . يلبس ملابس رثة . طبعا ليست كملابسي بل اكثر منها رثاثة ههه . و في يده بلاستيكة بالطبع مملؤة بالسيليسيون او اي مادة مبوقة اخرى غيرها , توجه الشباب بخطا ثابثة نحو الحافلة التي تبدوا له في عينيه شيئا اخر , توجه نحوها مباشرة . فأخذ يجرب تجربة جريئة لم يحاول اي من هؤلاء التعساء الذين ينتظرون الحافلة ان يقوموا بها ليرو ما نتائجها ؟ . كانت تبدوا له النتائج قليلة بالنسبة لدلك العائد الذي سيحصل عليه . اخد رجله بخفة وسرعة , وبدهاء يستشعره كل هؤلاء التعساء المنتظرون المترقبون , اخده ووضعه تحت عجلة الحافلة الكبيرة و , اخد يتصور ويتخيل  في تلك اللحظة كيف ستكون رجله داخل جبيرة جبص في مستشفى عمومي على حساب الشركة الاسبانية , على الاقل سيستبذل بضع اصابع القدم التافهة  بليلة من ليالي الدفء ليلة , دافئة في فراش ما , وان كان فراش مستشفى  لم يعلم المسكين الحالة التي اصبحت المستشفيات تعيشها و انه في اخر المطاف سيكون "الدس" البارد مأله , لم يعرف المسكين , تيبان ليه غير جوج حوايج "حبس او لا شي مستشفى كلاهما يعنيان بالنسبة له بعض الايام الدافئة"... لايهم المهم هو ان يكون فراشا وثيرا مريحا . لكن سرعان ما تلبد حلمه و تلاشى , فقد تفطن له السائق , فاطلق صافرة فابعد الاول رجله عن العجلة ومع عودة السائق الى القيادة حتى ارجعه ذلك الشباب الى مكانه حيث حلمه الا ان السائق تفطن له مرة اخرى , ففتح هذه المرة النافذه فنهره وربما شتمه شتمة لم يسمعها الاخر من شدة توبيقته فمع المحاولة الفاشلة اخد ينفخ بلاستيكته كما يفعل اخرون في وضعيته . وانصرف هو و صديق اخر له , وتركا المسرحية التي آلفاها على زفت المحطة لكي اكتبها لكم هنا .. و تركاني مع السيناريو الخاص بهما ليعلمني ان المتشرد ليس مجرد كلمات في بحث ما بل هو انسان ليس كمعظم الناس ... يفعل اشياءا لايمكن تصديقها لكنه اقرب ما يكون الى ذلك الانسان الذي يدرسونه لنا في مدرجات الكلية . انه عفوي لا يلقي بالا لما نلبس او ماذا نقول . يتشارك بلاستيكته مع صديقه او اصدقائه , لا تحكمهم الطبقية و لا يلقون هما لاي مسرحية نخبوية بل  يخترعون مسرحياتهم من أجل تحقيق ذواتهم . فقط لا لأجل شئ اخر .

تعليقات

التنقل السريع