اللؤلؤ في صدفة مادة صدفية ذات لمعان خاص تنتجه بعض أنواع المحار وذلك عندما تتعرض لظروف معينة.
ويتكون اللؤلؤ نتيجة لدخول جسم غريب بين صدفة المحار وغلافها اللحمي.
ولأجل أن تحمي المحارة نفسها من هذا الدخيل الصغير تحيطه بمادة كلسية (كربونات الكالسيوم مع قليل من المواد البروتينية) طبقة بعد طبقة.
ويتألف اللؤلؤ من مادة كلسية صدفية تشبه السطح الداخلي لغلاف المحار من حيث التركيب الكيمياوي.
وإذا ما طال العهد بهذه المحارة فإن اللؤلؤة تلتصق بداخل الصدفة نفسها، وقد لا تظهر للعيان لأول وهلة بل تحتاج لإخراجها من الصدفة، في بعض الأحيان، إلى قطع الصدفة نفسها.
واللؤلؤ الطبيعي داخل المحار لا يكون كرويا تاما وإلا لما التصق في مكان واحد والحقيقة أن اللؤلؤ يحتاج إلى صقل فني بعد إخراجه من المحار وذلك لإزالة الشوائب الناجمة عن التصاقه بصدف المحار الأمر الذي يجعل اللؤلؤ على هيئة تقرب من نصف الكرة.
ولقد تعددت مصادر استخراج اللؤلؤ من سواحل استراليا وأمريكا الوسطى وبعض الجزر الواقعة جنوب المحيط الهادي، وخليج المكسيك حيث كان يقوم الهنود الحمر باستخراجه.
أما أشهر مناطقه فكانت الهند والخليج العربي، وامتاز لؤلؤ البحرين عن غيره بالجودة وقد عرف بـ (لؤلؤ بومباي) لأنه يباع في هذه المدينة.
وكان البحارة المسلمون يعرفون مناطق الغوص التي تتوفر فيها اللآلئ بكثرة.
وقد عرف صيادو اللؤلؤ نتيجة لخبرتهم الطويلة، أن المحار المشوه الشكل، والقليل النمو بالنسبة لأقرانه، والذي يحتوي على خراجات ودمامل أو ثقوب تشبه خلايا النحل، أكثر احتمالا لوجود اللؤلؤ في داخله من غيره السوي.
وقد تعددت أسماء اللؤلؤ في اللغة العربية فاشتهر منها اللؤلؤة والمرجانة والنطفة والتوأمة والنوامية واللطيمية والصدفية والسفانة والجمانة إلخ.
أما عند الجوهريين فقد اختلفت المسميات وفق أشكالها المختلفة.
فيذكر البيروني في كتابه الجماهر : "إن كان كرويا رائعا سموه نجما أما المستطيل المتشابه الطرفين بالاستدارة فيشبه ببعر الغنم أو بعر الظبي.
وقد يشبه بالزيتونة فيقال زيتوني ومنه البيضي نسبة إلى البيضة والغلامي هو المخروطي الذي تكون قاعدته جزء من الكرة وقد يقال عن اللؤلؤ لوزي، وشعيري، ومضرس. فاللوزي شبيه باللوزة، والشعيري ما شابه شكله حبة الشعير، والمضرس ما التحم بعضه ببعض كأنه عدة حبات قد ألصق بعضها بالبعض الأخرى.
ويتناسب ثمن اللؤلؤ مع لونه وحجمه وشكله ومدى صلاحه لصنع الحلي.
فمن ألوان اللؤلؤ الأبيض وهو أغلبه، ومنه الأصفر والوردي والأزرق الفاتح. فيذكر البيروني: "أن الذي فيه صفرة يسيرة يفضل على الأبيض كفضل الذهب على الفضة ولأن الدرة النفيسة الناصعة البياض القريبة العهد بالبحر فما يلحقها كدر وتغير لا يزال فيها ويزداد إلى أن تسود كالبعرة. فإذا بدت فيها الصفرة اليسيرة المعروفة أمن منها ذلك الداء واستيقن أنها لا تتغير على الزمان". ثم يستدرك على قوله في مكان آخر من الكتاب ويقول: "إن الصفرة في اللؤلؤ تغير فاسد يتولد لأسباب كثيرة منها الدهن والعروق وروائح الطيب من الزعفران".
ويتطرق البيروني إلى إصلاح ما فسد من اللآلئ فيقول: "متى كان العيب عارضا من حالة خارجة طارئة كالوسخ والعرق والبخارات والأدهان وروائح العطر كان أجود علاجها التقشير وإزالة الطبقة العليا الفاسدة عنه".
ثم يذكر ظاهرة أخرى لإزالته تستعمل إلى يومنا هذا وهي أن اللؤلؤ إذا كان حار الملمس من بين إخوانه دل على دودة فيه وربما كانت سبب تآكله، والجوهريون اليوم يذوقون اللؤلؤ ويفضلون ما كان مذاقه باردا.
ويعلق البيروني على ما ذكر من رطوبة اللؤلؤ فيقول: "إنها ليست نقيض اليبوسة فالرطوبة للماء وإنما عني برطوبة اللؤلؤ رونقه وبهاؤه ونعومة البشرة وتمام النقاء".
وقد ثبت علميا بأن لمعان الطيف الشمسي الذي يبدو لناظر اللؤلؤ يعود إلى ظاهرة ضوئية أساسها غضون مجهرية في سطح اللؤلؤ نفسه، وبذلك كان مسمى اللؤلؤ لأن الجوهريين يقولون إنه ليس من مرة يقع بصرك عليه ثم تراه مرة أخرى إلا تراءى لك على هيئة غير هيئته الأولى.
"ثم يفسر البيروني هذه الظاهرة ويعزوها إلى استدارة اللؤلؤ وحده وعدم شفافيته.
إذ إن جميع الجواهر الأخرى مسطحة الوجوه أو مختلفة الأشكال يتمكن البصر من تأمل أكثرها ومعظمها إضافة إلى شفافية أغلبها حيث يدرك وجهاها دفعة واحدة وليس كذلك الحال في المدور الأصم فإن البصر لا يحيط منه إلا بالأقل فإن قلب وتغير مكانه أدرك الناظر منه موضعا آخر جديدا ورأى منه ما لم ير من قبل.
واللؤلؤ -كما يقول البيروني- يشاب ه البصل في التفافه طبقا على طبق، وربما عمل من قشر الصدف الداخل إذا اهتدى لتلبيبه وتقشيره بالحديدة الحادة ثم يثقب بالآلة التي يثقب بها الصاغة قطعتي الجمانة، وهذه طريقة زائفة لتقليد اللؤلؤ.
وقد كتب ونقش على الصدف وأشباهه من المواد البحرية وذلك بتغطية الجزء الذي يراد به أن يكون ناتئا بالشمع ويترك ما يراد أن ينقر ثم يلقي بالمادة في خل فيه نوشادر في ذلك أياما ثم يخرج فتظهر الكتابة.
حيث أن الجزء الذي لم يغط بالشمع قد تعرض لفعل الحامض الذي يذيبه إذابة بطيئة لأن الصدف وما شابهه يتألف من نوع من حجر الكلس وهذه المادة تذوب في الحوامض القوية بسرعة كبيرة وتذوب بالخل وهو حامض ضعيف ذوبانا بطيئا.
ثم يأتي البيروني على ذكر قيم اللآلئ ويخصها بعدد من الصفحات وخلاصة ما ذكر أن قيمة اللؤلؤ تعتمد على أمرين أولهما النوع وثانيهما الوزن، فإذا كانت اللآلئ من نوع واحد يزيد ثمنها زيادة كبيرة كلما كبر حجمها وزاد وزنها، وهذه الزيادة لا تتناسب مع الوزن فحسب، فإذا كان وزن اللؤلؤة الواحدة درهما واحدا كانت قيمتها (8800) درهم.
أما إذا بلغ وزنها درهمين كانت قيمتها (66066) درهما.
وفي القرن الحادي عشر الهجري / السابع عشر الميلادي، تم استخراج اللؤلؤ من بعض الأنهار الواقعة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية حيث يعيش بعض أنواع المحار في المياه العذبة.
واستخرج اللؤلؤ النهري من أنهار أسكتلندا وعرف باللؤلؤ الإنجليزي، وقد بيع قسم منه إلى فرنسا والدول المجاورة الأخرى، واستأثر اللؤلؤ باهتمام الحكومة البريطانية وبرلمانها في عهد شارل الثاني. وفي عام986هـ / 1579 م عثر في سواحل أسبانيا على لؤلؤة تزن 250 قيراطا، وأهديت إلى مرجريتا فيليب الثاني.
ومن بين أهم مصايد اللؤلؤ البحري في قارة أمريكا الشمالية كاليفورنيا والمكسيك.
كما توجد مصايد أخرى في خليج بنما وغرب جبال الإنديز وجزر جنوب الباسيفيك، وكذا بامتداد شواطئ الهند والخليج العربي واليابان والمكسيك وغرب أمريكا الوسطى وخاصة في الجزر المعروفة باسم جزر اللؤلؤ بالقرب من ساحل نيكاراجوا.
وفي المياه الأسترالية، يتم صيد اللؤلؤ من شاطئ غرب استراليا وشاطئ كوينز لاند ومن مضيق توريس.
ومنذ عام 1338هـ / 1920 م تم استنبات اللؤلؤ الكروي بنجاح.
ويتم استنبات اللؤلؤ بإدخال خرزة بصور ة فنية بين الصدف والغشاء اللحمي للمحار. ويتراوح حجم هذه الخرزة من ثلاثة أرباع إلى تسعة أعشار حجم اللؤلؤ المطلوب.
وعلى مدار مدة تصل إلى أعوام، ترسب المحارة طبقات من الطبقة الكلسية حول الخرزة.
وبالرغم من أن هذه الطريقة قد تمت في الصين منذ قرون طويلة، إلا أنها قد شاعت الآن في كثير من بلدان العالم لاسيما في السواحل الجنوبية الشرقية للصين.
وفي هونج كونج نفسها توجد أحواض واسعة لتربية المحار قد حجزت من المحيط ويقوم برعايتها عمال فنيون لاستنبات اللؤلؤ في المحار. وفي اليابان تم تطوير تقنية إنتاج اللؤلؤ الكروي المستنبت، وأصبح أهم الصناعات فيها. وبات اللؤلؤ المستنبت يضاهي ذلك الطبيعي بل ويفوقه من حيث الكمية.
ولا يمكن التمييز بسهولة بين اللؤلؤ المستنبت واللؤلؤ الأصلي إلا من قبل خبير. ولكن الجوهريين يميزون بين النوعين االمستنبت والطبيعي ويفضلون الأخير. أما اللؤلؤ الصناعي فإنه يصنع من الزجاج تحت ظروف خاصة.
تعليقات
إرسال تعليق
ما رأيك بالموضوع الذي قرأته للتو