القائمة الرئيسية

الصفحات


  لم يكن المغاربة يتصورون على ان ثورة المليون شهيد ستصوب نحو بلادهم لمجرد جلاء القوات الفرنسية عن الاراضي الجزائرية , خصوصا عندما نعلم على ان التاريخ يشهد لبلدنا انها دعمت الثورة الجزائرية في وجه الاحتلال الفرنسي بالمال والعتاد وتدريب المحاربين . كان المغاربة يجمعون وبنية صافية
على  ان دعم اشقائهم الجزائريين واجب ويعتبرون ان فرحة الاستقلال لن تكتمل الا حين يذوق جيرانهم حلاوة الاستقلال .
أصول الأزمة:
  بعد اشهر قليلة من معركة اسلي التي دارت رحاها بين القوات المغربية  والجيش الفرنسي في 16 غشت 1844 والتي انهزم فيها الجيش المغربي شر هزيمة , اعدت باريس اول اتفاقية خاصة بالحدود المغربية الجزائرية تعرف هذه الاتفاقية التي تم توقيعها في 18 مارس 1845 باسم "لالة مغنية " لم ترسم هذه الاتفاقية الحدود كاملة وانما اكتفت بتحديدها في المناطق المؤهولة على امتداد شريط بطول 165 كلومتر  وتركتها مجهولة في مجالات صحراوية شاسعة لا أثر فيها الأ للرحال .
ظلت فرنسا تحين هذه الاتفاقية وبلغت حركة التعديلات أوجها بعد اكتشاف معادن في المناطق التي لم تشملها اتفاقية لالة مغنية في صيغتها الاولى سنة 1845 اذ قررت فرنسا كما توضح ذلك وثائق اقامتها العامة بالمغرب تثبيت الحدود بين البلدين عن طريق خط "فارنيي " سنة 1912 وخط "ترينكي " 1938 , وبعد اكتشاف حقول مهمة من البترول ومناجم الحديد والمنغانيز في المنطقة بادرت فرنسا الى تدقيق رسم الحدود في 1952 وألحقت كل من تندوف وكلومب بشار بالأراضي الجزائرية .
شأن مغربي جزائري:
  قبل اشهر قليلة من استقلال المغرب في سنة 1955عبرت فرنسا عن استعدادها لفتح النقاش حول مسألة الحدود , لكن المغرب رفض في شخص الملك محمد الخامس المقترح الفرنسي بقوة وأكد على ان مسألة الحدود شأن مغربي جزائري خالص ولا مجال لمناقشته مع فرنسا باعتبارها سلطة استعمارية .
ولما ضاقت فرنسا درعا من دعم المغاربة للثورة الجزائرية اقدمت في 22 اكتوبر 1956 على قرصنة طائرة كانت تقل زعماء الثورة الجزائرية وفي مقدمتهم "احمد بن بلة" الذي سيصبح اول رئيس للجزائر المستقلة فيما بعد , و"محمد بوضياف"و"حسين ايت حمد" . الطائرة التي انطلقت من المغرب كانت ترافق محمد الخامس في زيارة الى تونس بدعوة من الرئيس التونسي "الحبيب بورقيبة " فبعد قرصنتها اعتقلت فرنسا الزعماء الجزائريين الثلاثة واودعتهم السجن , ولم يكن لملك المغرب انداك علم بهذه العملية واحتجاجا على هذا قرر  المغرب قطع علاقاته مع فرنسا وهي المقاطعة التي كلفته الكثير خصوصا ان المغرب كان يطمح الى اعادت بناء ما دمرته سنوات الحماية .
وقد ظل المغرب وفيا لدعمه للثورة الجزائرية حتى بعد الوفاة المفاجئة للملك محمد الخامس في 26 من سنة 1961 بل ازدادت اهميته في عهد الملك الحسن الثاني في ظل الاجماع المغاربي على ضرورة دعم الاشقاء الجزائريين .
وعود جزائرية:
  بعد اربع سنوات من المقاومة المسلحة للإستعمار الفرنسي , اعلن في العاصمة المصرية القاهرة بتاريخ 19 شتنبر 1958 رسميا من تشكيل حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية و اسندت رئاستها للزعيم النقابي "فرحات العباس" الذي اعترف لجلالة الملك الحسن الثاني في زيارته للمغرب 6 يونيو 1961 , أي قبل 13 شهرا من استقلال الجزائر بأن مشكل الحدود قائم بين البلدين الجارين , وتعهد بالدخول في مفاوضات لتسوية هذه المسألة بمجرد جلاء القوات الفرنسية عن بلاده , وأقر أن جميع ما أبرمته بلاده مع فرنسا من اتفاقيات في هذا الايطار ﻻيمكن ان يكون حجة على المغرب .
  لم يكتب لفرحات عباس أن يفي بوعده , لأنه وبمجرد الإعلان عن استقلال الجزائر , حتى ثم تنصيب "احمد بن بلة " ..... مباشرة بعد خروجه من السجن الذي ثم ايداعه فيه على اثر  حادثة الطائرة السالفة الذكر.
سيقوم الملك الراحل الحسن الثاني , على رأس وفد هام , بأولى زياراته الرسمية الى الجزائر بتاريخ 13 مارس 1963 , حمل خلالها مساعدات مهمة لبلد خرج لتوه من الكفاح المسلح من أجل اللاستقلال والحرية ـ وكان من بين المساعدات : عتاد عسكري و23 سيارة فاخرة من نوع مرسيدس ـ لم تكن هذه الزيارة مجرد تهنئة للجزائريين بالإستقلال فقط , بل كان الملك الراحل الحسن الثاني , كما صرح بذلك في اكثر من مناسبة , يسعى الى فتح الحوار حول المسألة الحدودية  على ضوء ما اتفق عليه في 1961 مع "فرحات عباس" , لكن في هذه الزيارة ارتاب اعضاء الوفد المغربي من الطريقة التي استقبلهم بها الرئيس "بن بلة" , وفي هذا السياق اورد عبد الهادي بوطالب الذي كان ضمن ذلك الوفد المغربي بصفته وزيرا للإعلام والشباب والرياضة , في كتابه "نصف قرن من السياسة " ان بن بلة لم يبتسم قط خلال الزيارة وحتى لما تجرأ عبد الكريم الخطيب ـ وكان انذاك وزيرا للدولة في الشؤون الإفريقية ـ , واقترح عليه " ان يسند وزارة المواشي لبو معزة , ووزارة التموين لبوخبزة , ووزارة الفلاحة لبو منجل , ووزارة الشرطة لبوتفليقة " فإن بن بلة إكتفى بمشروع ابتسامة لم يكتمل , الى حدود اللحظة لم يغامر المغرب اي شك عن وفاء القادة الجزائرييين بالتزاماتهم تجاه المغرب وفي مقدمتها تسوية المسألة الحدودية على النحو المتفق عليه سنة 1961 مع فرحات عباس .
 طلائع الحرب:
  اظهر الرئيس بن بلة عداءا غير مفهوم لجاره المغرب , وأنه لن يفي بالتزامات بلاده الحدودية , وقد دشن عداءه هذا بحملة اعلامية مضادة للمغرب لعب فيها لإعلام الفرنسي دورا مهما , وستأخد الأمور منحا مغايرا في 30 شتنبر  1963 أي بعد ستة اشهر تقريبا من زيارة الملك الراحل الحسن الثاني للجزائر ,عندما اصدرت  الرئاسة الجزائرية بلاغا تتهم فيه المغرب بدعم ثورة " حسين ايت حمد " في منطقة القبائل , وأقدمت القوات الجزائرية بعد ذلك على إحتلال مركزي "حاسي بيضا " و " تينجوب " المغربيتين .
ورد الملك ببرقية تجاهلها الرئيس بن بلة فأرسل الملك وفدا رفيع المستوى , يتكون من " احمد بلافريج  و عبد الهادي بوطالب " لكن الرجلين لم يجدا اي استعداد للحوار من طرف الرئيس بن بلة , ومع ذلك بعث الملك الراحل الحسن الثاني الى الجزائر كل من "عبد الهادي بوطالب , ومحمد المذبوح " و أمرهما ان يضعا للرئيس الجزائري الخريطة على الطاولة, ويقولا له أن "حاسي بيضة " و "تينجوب " منظقتان مغربيتان .
الزحف المغربي:
  بعد عدة ايام من المناوشات الحدودية , اندلعت حرب الرمال , وحقق الجيش المغربي بقيادة العقيد إدريس بن عمر , تقدما على القوات الجزائرية المدعومة من مصر وكوبا , والاتحاد السوفياتي انذاك , وفي 15 من اكتوبر 1963 , استدعت الرئاسة الجزائرية محاربي الثورة لخوض الحرب ضد المغرب الذي دعمهم في كفاحهم المسلح ضد الإستعمار الفرنسي , دون أن تفلح الالة الجزائرية من ايقاف زحف الجيش المغربي , واستمر الى ان صار الجنود المغاربة على بعد 26 كيلومتر فقط من تيندوف , ثم امر الملك الحسن الثاني العقيد ادريس بن عمر بإيقاف تقدمه والعودة الى الخط الذي كانت فيه القوات المغربية قبل بدء الحرب , فقدم بن عمر الى مراكش على عجل وطلب من الملك ان تبقى الوحدات المغربية في مكانها الى حين تسوية مشكل الحدود , فقبِل ان ينفذ اوامر قائده الأعلى ويتراجع الى موضعه الاول .
  اراد ملك البلاد انداك الحسن الثاني ان يبين للرئيس الجزائري بن بلة , رغبته الصادقة في ان يعاد مد جسور الود بين البلدين الجارين
حتى لا تقطع الطريق امام بناء المغرب العربي , باعتباره الخيار الاستراتيجي لكلا البلدين.
انتهت الحرب عقب لقاء بين قائدي البلدين بالعاصمة المالية باماكو , حضره الملك الحسن الثاني ببذلته العسكرية , ثم ارست منظمة الوحدة الافريقية اتفاقية لوقف اطلاق للنار وبشكل نهائي , في فبراير  من سنة   1964 لكن دوي السلاح سيسمع من جديد بالمنظقة  بعد عدة سنوات من ذلك بين كل من القوات المغربية وانفصالي البوليزاريو الذين اوكلت لهم الجزائر الدفاع عنها .

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. التاريخ المغربي كله مزور اخي فالقائد بن بلة كان منتضلا محبا لوطنه لدا عارض نظام الحسن

    ردحذف

إرسال تعليق

ما رأيك بالموضوع الذي قرأته للتو

التنقل السريع