القائمة الرئيسية

الصفحات

ملف حول تشخيص قضية تنمية جهتي "جهة سوس ماسة"

 
يعد التعديل الجديد الذي تم على حدود الجهات في المملكة المغربية، أحد أهم العناصر التي تساعد في تنمية التراب الوطني، إذ أن تلك الجهات عندما تبلغ المستوى الكافي من النضج السياسي والاجتماعي، وكذلك عندما تحقق وتيرة عمل مرضية، فإنها ستتحول إلى واحدة من بين أهم الفاعلين في ميدان إعداد التراب الوطني، ولكي تتمكن الجهات المغربية المختلفة من أداء دورها في تنمية المملكة فإنه يجب أن تكون هي في البداية قد حصلت على نصيبها من التنمية الجهوية، خاصة وأن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، قد ذكر في خطاب 6 نونبر 2008 أن "نجاح الجهوية رهين باعتماد تقسيم ناجع، يتوخى قيام مناطق متكاملة اقتصاديًا وجغرافيًا ومنسجمة اجتماعيًا وثقافيًا"، وبالتالي فإنه يجب أن تحظى كل جهة من جهات المملكة بعدة مقومات وأساسيات حتى تشارك بفاعلية في التنمية المتكاملة للمملكة، منها ضرورة أن توفر بكل جهة من جهات المغرب الستة عشر شروط العيش الكريم لمواطنيها، مثل الخدمات الصحية والمواصلات العمومية والمساكن الآدمية الملائمة للمعيشة الكريمة والمدارس والمؤسسات التعليمية المختلفة، وكذلك التجهيزات الضرورية للحياة اليومية مثل ماء الشروب النقي، وخدمات الكهرباء، وغيرها.

شروط نجاح التنمية في جهة سوس ماسة 

بالتأكيد لن تختلف جهة سوس ماسة عن بقية جهات المملكة المغربية في الأسس والمقومات اللازمة لنجاح التنمية الجهوية بها، وإن كانت هناك فروق تعود إلى الطبيعة الديموجغرافية لكل جهة، ولكن في الغالب فهي مقومات واحدة، من أهما أو لنقل أنه يجب أن يأتي في مقدمتها، أن توفر جهة سوس ماسة مناصب شغل لفائدة مواطنيها، وكذلك أن على الموارد والأوساط الطبيعية بها، وذلك لكي تحقق لنفسها تنمية مستدامة، بالإضافة إلى ضرورة الحرص على ضمان كافة التوازنات الداخلية المختلفة في الطبيعة وذلك على المدى البعيد، بالإضافة إلى تعزيز مناطق النمو في تلك الجهة وتحسين تسييرها، فضلًا عن إدماج مجالات التنمية والنمو في محيطها الجهوي، إذ أنه يجب أن تتضمن التنمية الجهوية التركيز على المناطق الاستراتيجية كنقطة ارتكاز وانطلاق للتنمية على أن يتم دمجها وانخراطها في مجموع التراب الوطني، دون أن يتسبب ذلك في إهدار حق المناطق الصحراوية والفقيرة والنائية من هذه التنمية، أي أنه يجب أن يتم الأمر في إطار الإنصاف والعدالة بين جميع ساكني الجهة بأقاليمها المختلفة.

الجفاف أخطر معوقات تنمية جهة سوس ماسة 

تعاني غالبية أنحاء المنطقة العربية خاصة في سواحل البحر المتوسط من الجفاف، والذي يعد في الحقيقة أحد أهم المخاطر التي تعاني منها غالبية دول العالم الحديث، ويعود ذلك إلى التغييرات المناخية التي تشهدها الكرة الأرضية، وكذلك إساءة استخدام العنصر البشري للمسطحات المائية الطبيعية، ورغم أن تلك الأزمة من أهم معوقات التنمية في جهة سوس ماسة إلا أنه في الحقيقة، فإن مواطني تلك الجهة يعدون من أمهر أبناء الصحراء الذين يستطيعون التعايش مع ظروفها القاسية، وكذلك فإن لديهم القدرة على العمل الدءوب، بالإضافة إلى الاستقامة والصلاح، وهو ما يجعلهم قادرين على النمو الفلاحي حتى في ظل خطر الجفاف الذي يهدد المنطقة، فكما نعلم فأن معدل تساقط الأمطار في أقاليم سوس ماسة يقل عن200م في معظم أوقات الشتاء، كما أن الغابات التي كانت مزروعة مثل غابات أركان الصغيرة، تعاني من سوء الاستغلال على مدار السنوات الماضية، مما أفقدها الكثير من خيراتها، وكذلك فهناك غابة أدميم، والتي ما زالت تحتفظ ببعض خيراتها نتيجة أنها تعيش بشكل ثانوي على المياه المباشرة للأمطار، بالإضافة إلى الماء السائل المتسرب إليها من سفوح الأطلس الصغير الشمالية الغربية، وكذلك بعض المخرات المائية الأخرى التي تكونت نتيجة طبيعة التربة في وادي سوس.  

المعطيات الطبيعية لجهة سوس ماسة:

كما ذكرنا في الأسطر السابقة، فإن التنمية الجهوية تتوقف على المعطيات الطبيعية للجهة، وكيفية استثمارها وتنميتها بشكل مستدام، من أجل تحقيق التنمية المتكاملة للتراب الوطني ككل، ولو تحدثنا بالتفصيل عن جهة سوس ماسة، فإننا نوجز الحديث عنها بقولنا أنها تقع في وسط المملكة المغربية، وهي تحتل ذلك الشريط الذي يمتد من المحيط الأطلسي إلى الحدود المغربية الجزائرية، ويحدها من الغرب المحيط الأطلسي، أما من الجنوب فتحدها جهة كلميم السمارة، بينما حدودها من الشمال هما جهة مراكش تانسيفت الحوز وجهة تادلة أزيلال، أما من الشرق فتحدها جهة مكناس تافيلالت، ومعها الحدود المغربية الجزائرية، وتستحوذ جهة سوس ماسة على مساحة 70.880 كيلومتر، بنسبة تتجاوز 10% من إجمالي مساحة المملكة المغربية، أما بالنسبة للمعطيات الطبيعية التي تتميز بها جهة سوس ماسة فهي تشتهر بتضاريسها المتنوعة الأشكال والتراكيب، والتي تضم عدد من السلاسل الجبلية بالإضاف إلى العديد من السهول والأراضي الصحراوية، وهي من السمات الجغرافية الأساسية التي تتميز بها جهة سوس ماسة، وتعد أهم السلاسل الجبلية فيها هما سلسلتي جبال الأطلس الكبير والصغير، وهما تقسمان المنطقة إلى حوضين كبيرين، هما حوض سوس ماسة، بما يحتويه من السهول المتميزة مثل سهل سوس وسهل اشتوكة وسهل ماسة، وأيضًا حوض درعة، ومن نعم الله على جهة سوس ماسة أنك تلك التضاريس الجبلية أو سلاسل الجبال هذه تعد بمثابة خزان مائي طبيعي، يحمي الثروة المائية في المنطقة، إذ أن تلك السلاسل تقوم باستقطاب الأمطار والتساقطات الثلجية، ويحافظ على مدة جريان تلك التساقطات إلى السهول التي تقع بأسفلها وبالتالي يعمل على زيادة مخزون المياه الجوفية بها.

 المميزات المناخية في جهة سوس ماسة:

يتميز مناج جهة سوس ماسة بأنه جاف في غالبية أوقات العام، نتيجة تأثره بعدة عوامل، في مقدمتها التضاريس الجبلية للمنطقة، وكذلك وقوعها على ساحل المحيط الأطلسي، بالإضافة إلى أن مساحات شاسة منها صحراوية، أما بالنسبة لما تشهده من تساقطات مطرية وثلجدية، فهي معروفة بكونها محدودة المجال أي تسقط في مناطق معينة ومحدودة من المساحة الشاسعة التي تستحوذ عليها تلك الجهة، كما أنها لا تسقط سوى بشكل موسمي، ويبلغ معدل التساقطات السنوي 249 ملم تقريبًا وذلك في أقليم أكادير الذي يعد الأكثر تساقطًا، وتضعف هذه التساقطات في شدتها ومقدارها كلما اتجهنا بعيدًا عن اكادير متجهين إلى المناطق الصحراوية التي تشتهر بها جهة سوس ماسة، أما بالنسبة للغطاء النباتي في تلك الجهة، فإنه يتركز في 20 موقعًا تقريبًا تعد ذات أهمية بيئية وأيكولوجية، كما أنها تضم ما يعادل ثلث الإنتاج النباتي في المملكة المغربية ككل، بالإضافة إلى أنها تشتهر بنبات الأركان، والذي يعد صنف محلي تتميز به المغرب، وهو منتشر في ثلثي مساحات الغابات بجهة سوس ماسة، ومن الخصائص النباتية الطبيعية في تلك الجهة أنها محاصيل تتحمل الجفاف والملوحة، كما أن الغابات تغطي حوالي 16% من إجمالي مساحة التراب الجهوي، نصفها تقريبًا في إقليم تارودانت التابع لجهة سوس ماسة، وبالنسبة للمواد المائية في الجهة فإن المساحة الإجمالية للحوض الرئيسي في الجهة والذي يتكون من سوس ماسة وتيزنيت وايفني تبلغ 27880 كلم تقريبًا، أما عن الإمكانيات المائية الجوفية المتجددة بتلك المنطقة فهي تبلغ 452 مليون متر مكعب تقريبًا.

تعليقات

التنقل السريع