القائمة الرئيسية

الصفحات

رأس السنة الأمازيغية عادة عريقة و متجذرة في التاريخ

تتميز القبائل الأمازيغية الواقعة بالجنوب الشرقي للمغرب بكونها تجعل من رأس السنة الأمازيغية ذكرى تحتفل فيها احتفالا يرقى إلى مناسبة مثل المناسبات الدينية التي يتبادل فيها الأفراد
التهاني، وإذا كان التقويم الهجري قد بدأ مع هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، والتقويم الميلادي مع ميلاد المسيح عليه السلام، فإن التقويم الأمازيغي هو الأخر قد بدأ مع حدث تاريخي هام تمثل في إنتصار الملك الأمازيغي "شيشونغ" على الفراعنة في مرحلة حكم "رمسيس الثاني"، ومن ثم أصبح هذا التقويم كأقدم التقويمات التي استخدمها البشر على مر العصور، ويتضح من خلال هذا المعطى أن التقويم الأمازيغي ارتبط بهذا الحدث التاريخي، ولم يكن مرتبطا بأي حدث ديني أو تعبدي بخلاف التقويم الهجري والميلادي، فبعد انتصارهم على الفراعنة عمل الأمازيغ على الإحتفال كل سنة بذكرى هذا الإنتصار. وتشير بعض الدراسات إلى أن هذا التقويم مرتبط أشد الإرتباط بالطبيعة لكون أول يوم في السنة الأمازيغية هو يوم يفصل بين فترتين، وهما فترة البرد القارس وفترة الإعتدال، كما يشكل البداية السنوية لإنجاز الأشغال الفلاحية، ومن هنا تم تسمية اسم اليوم الأول للسنة الأمازيغية برأس السنة الفلاحية.
إن إحتفال القبائل الأمازيغية على كل بقاع أراضي "تمازغا" لا يعني مجرد فرح لساعات وطبل على الطبول فقط، وإنما هو تأكيد على ارتباطهم الوثيق بالأرض التي يعشقونها دوماً، كما يكرس فهمهم الخاص للحياة. ويتضح القاسم المشترك بين مختلف العادات والطقوس التي تقام في هذا الإحتفال من منطقة إلى أخرى في ارتباطها بالأنشطة الفلاحية من زراعة وغرس للأشجار وتربية للماشية، وهذا بالطبع يعكس علاقة هذا اليوم بانطلاق الموسم الفلاحي الجديد على أمل الإستبشار بموسم فلاحي جيد، يجلب الخير والرخاء للمجتمع.
لقد اعتبرت القبائل الأمازيغية الواقعة بالجنوب الشرقي للمغرب ولا زالت تعتبر كل رأس سنة أمازيغية يوما مميزا في حياتها، لأنه يمثل الحلقة الفاصلة بين نهاية مرحلة والدخول في مرحلة جديدة على أمل أن تكون أفضل من سابقاتها، لذلك عملوا كباقي الأمازيغ على الإحتفال بحلول كل سنة جديدة في الفاتح من شهر "يان أيور" -هو أول شهر من شهور السنة الأمازيغية- الذي يصادف 13 يناير من الميلادية، والذي يسمى عند الأمازيغ ب "إغف نوسكاس" أو "أداف نوسكاس . أي رأس السنة.
عموما فإن القبائل الأمازيغية الواقعة بالجنوب الشرقي للمغرب تحتفل بهذا الحدث العظيم بعادات وطقوس متنوعة تبدأ بقيام النساء بتحضير طبق الكسكس الذي يسقى من مرق اللحم وسبعة أنواع من الخضر، ثم يضعن فيه نوى تمر واحدة أو اللوز، معتقدين بذلك أن من يجد هذا النوى أو اللوز أثناء الأكل سيكون سعيدا ومحظوظا ومباركا طيلة هذه السنة، وسوف يسلم مفاتيح خزائن الأسرة ولو رمزيا، سواء كان رجل أو امرأة أو طفل...، ومن الأقوال المأثورة عند سكان هذه القبائل أن من لم يشبع من الطعام في هذه الليلة سيظل الجوع يطارده في السنة كلها، وتفاديا لذلك يتم نشر إشاعة وسط الأطفال، مفادها أن من لم يأكل جيدا في تلك الليلة فسوف ترغمه عجوز مخيفة على أكل التبن حتى يمتلأ بطنه به، وكل هذا من أجل تشجيعهم على التغذية بشكل جيد.

تعليقات

التنقل السريع